الخميس، 15 ديسمبر 2011

الأفتتاحية

صنـــاعـــــــــــــــــــــــــــــــة الذات

هي الفكرة التي تحدونا نحو هدف نسعى إليه بعزيمتنا , و نعرف أننا حقّقنا نجاحنا إذا استطعنا أن نصل إلى ما نريد .. إلى ذلك الهدف .. إلى ذلك النجاح .. هل أنتَ ناجح ؟ هل أنتِ ناجِحة ؟ هل نحن ناجحين في حياتنا ؟ دَعوني انطلق معكم في قصة ربما ترغبون سماعها .. ربما تريدون أن تسافروا معي إلى أحداثها .
قصة طموح , قصة نجاح , تلك القصة كانت شرارة انفجار لثورة من التقدم و الرّقي و الحضارة في اليابان تلك القصة هي قصة شاب اسمه تاكيو اوساهيرا ذلك الشاب خرج من اليابان مسافراً مع بعثةٍ تحوي مجموعة من أصحابه و أقرانه متجهين إلى ألمانيا , وصل إلى ألمانيا و وصل معه الحلم الذي كان يصبو إليه , و يراه بعينيه ذلك الحلم هو أن ينجح في صناعة محرك يكون أول محرك كامل الصّنع يحمل شعار صُنع في اليابان , ذلك حلمه , بدأ يدرس و يدرس بجد أكثر و عزيمة أكثر مضت السنوات سراعاً كان أساتذته الألمان يوحون إليه بأن نجاحك الحقيقي هو من خلال حصولك على شهادة الدكتوراه في هندسة الميكانيكا , كان يقاوم تلك الفكرة و يعرف أن نجاحه الحقيقي هو أن يتمكن من صناعة محرك , بعد أن أنهى دراسته وجد نفسه عاجزاً عن معرفة ذلك اللغز ينظر إلى المحرك و لازال يراه أمراً مذهلاً في صنعه غامضاً في تركيبه لا يستطيع أن يفكِّك رموزه  .
جاءت الفكرة مرة أخرى ليحلق من خلالها في خياله و ليمضي من خلال خياله نحو عزيمة تملكته و شعور أسره , تلك الفكرة : ( لابد الآن أن أتَّخذ خطوة جادة من خلالها أكتشف كيف يمكن أن أصنع المحرك ) .
إخواني الكرام , أخواتي الكريمات : صدقوني النجاح الذي نحصل عليه ينطلق من خلال فكرة نصنعها نحن و نمضي نحن في تحقيقها , تلك الفكرة مضى ذلك الشاب ليحققها , فحضر معرض لبيع المحركات الايطالية , اشترى محرك بكل ما يملك من نقوده , أخذ المحرك إلى غرفته , بدأ يفكك قطع المحرك قطعةً قطعة , بدأ يرسم كل قطعة يفكِّكها و يحاول أن يفهم لماذا وُضعت في هذا المكان وليس في غيره , بعد ما انتهى من تفكيك المحرك قطعة قطعة , بدأ بتجميعه مرة أخرى , استغرقت العملية ثلاثة أيام , ثلاثة أيام من العمل المتواصل لم يكن ينام خلالها أكثر من ثلاث ساعات يومياً كان يعمل بجدٍّ و دأب , في اليوم الثالث استطاع أن يعيد تركيب المحرك و أن يعيد تشغيله مرة أخرى , فرح كثيراً , أخذ المحرك , ذهب يقفز فرحاً نحو أستاذه , نحو مسئول البعثة و رئيسها : استطعت أن أعيد تشغيل المحرك , بعدما أعدت تجميع القطع قطعة قطعة , تنفس الصعداء , شعر بالراحة : الآن نجحتُ , لكن الأستاذ أشار إليه : لِسّا , لِسّا ما نجحت , النجاح الحقيقي هو أن تأخذ هذا المحرك , و أعطاه محرك آخر : هذا المحرك لا يعمل , إذا استطعت أن تعيد إصلاح هذا المحرك فقد استطعت أن تفهم اللغز , تجربة جديدة , أخذ المحرك الجديد , حمله و كأنه يحتضن أعزّ شيء إليه , إنه يحتضن الحلم , إنه يحتضن الهدف , وراح يمضي بعزيمة , دخل إلى غرفته , بدأ يفكك المحرك من جديد , و بنفس الطريقة , قطعة قطعة , بدأ يعمل على إعادة تجميع ذلك  المحرك , اكتشف الخلل , قطعة من قطع المحرك تحتاج إلى إعادة صهر و تكوين من جديد , فكر أنه إذا أراد أن يتعلم صناعة المحركات فلا بد أن يدرس كعاملٍ بسيط , كيف يمكن لنا أن نقوم بعملية صهر و تكوين و تصنيع القطع الصغيرة حتى نستطيع من خلالها أن نصنع المحرك الكبير .
عمل سريعاً على تجميع باقي القطع بعد أن اكتشف الخلل و استطاع أن يصلح القطعة , ركب المحرك من جديد , بعد عشرة أيام من العمل المتواصل , عشرة أيام من الجد و العزيمة , لم ينم خلالها إلا القليل القليل من الساعات , في اليوم العاشر , طربت أذنه بسماع صوت المحرك و هو يعمل من جديد , حمل المحرك سريعاً و ذهب إلى رئيس البعثة: الآن نجحت , الآن سألبس بدلة العامل البسيط و أتّجه لكي أتعلم في مصانع صهر المعادن , كيف يمكن لنا أن نصنع القطع الصغيرة , هذا هو الحلم , وتلك هي العزيمة , بعدما نجح رجع ذلك الشاب إلى اليابان , تلقّى مباشرة رسالة من إمبراطور اليابان , وكانوا ينظرون إليه بتقديس و تقدير , رسالة من إمبراطور اليابان ! ماذا يريد فيها ؟ : أريد لقاءك و مقابلتك شخصياً على جهدك الرائع و شكرك على ما قمت به . رد على الرسالة  : لا زلت حتى الآن لا أستحق أن أحظى بكل ذلك التقدير و أن أحظى بكل ذلك الشرف , حتى الآن أنا لم أنجح , بعد تلك الرسالة , بدأ يعمل من جديد , يعمل في اليابان , عمل تسع سنوات أخرى بالإضافة إلى تسع سنوات ماضية قضاها في ألمانيا , كم المجموع ؟ أمضى تسع سنوات جديدة من العمل المتواصل استطاع بعدها أن يحمل عشرة محركات صُنعت  في اليابان , حملها إلى قصر الإمبراطور الياباني , وقال : الآن نجحت , عندما استمع إليها الإمبراطور الياباني و هي تعمل تَهلّل وجهه فرحاً , هذه أجمل معزوفة سمعتها  في حياتي , صوت محركات يابانية الصّنع مئة بالمئة , الآن نجح تاكيو اوساهيرا , الآن استطاع أن يصنع ذاته عندما حَوّل الفكرة التي حلّقت في خياله من خلال عزيمته إلى هدف يراه بعينيه و يخطو إليه يوماً بعد يوم , عندما وصل إلى ذلك الهدف استطاع أن ينجح , في ذلك اليوم صنع ذاته , صناعة الذات انطلقت من ذلك الشاب ليتبنّاها كلّ عامل ياباني يرفع شعار : إذا كان الناس يعملون ثمان ساعات في اليوم سأعمل تسع ساعات : ثمان ساعات لنفسي ولأولادي و الساعة التاسعة من أجل اليابان , تلك المعنويات جعلتنا نقول العالم يلهو و اليابان يعمل , جعلتنا نفتخر بملبوساتنا و بمقتنياتنا لأنها صُنعت في اليابان .

إعداد:أ.مريد الكلاب

حل مشاكل أطفالنا خطــأ كبير


عندما يأتي الأطفال إلينا بمشكلة ما لديهم، فإن رد فعلنا المعتاد هو تقديم حلول لها.
صحيح أننا متواجدون من أجلهم، وقد تعلمنا دروساً حياتية من خلال تجاربنا ومعايشتنا للأحداث والمواقف وأننا أكثر قدرة منهم على معرفة ما يفيدهم وما هو في صالحهم

ولكن كيف يشعر أبناءنا حيال ذلك؟ وهل تقديمنا للحلول أو اقتراحنا لها هو ما جاءوا إلينا من أجله؟!
هل يا ترى يشعرون بالشكر والامتنان لأننا حللنا مشاكلهم؟؟
أم أنهم يشعرون بالضيق حيال ذلك !!!

إن هذا إن لم يشعرهم بالغضب والضيق فهو بالتأكيد سيجعل منهم أشخاصاً غير قادرين على مواجهة ما يستجد معهم من مشاكل في حياتهم.
حلولنا التي نقدمها لهم، ليست في صالحهم كما نظن، ونوايانا الحسنة بحاجة إلى المراجعة هنا.
البالغين قد يكون لديهم نفس ردود الفعل، فالجميع لديهم مشاكلهم الخاصة وكل شخص قد يلتمس النصيحة أو قد لا يفعل، فالقاعدة تقول:
عندما يخبر شخصٌ ما شخصاً آخر كيف يحل مشكلته، فكأنه يقول له: "أنت لست كفء ولهذا سأخبرك ما الذي ينبغي عليك أن تفعله طالما أنت لست قادراً على التفكير بنفسك.

النصيحة الأمثل هنا:
أن تستمع فقط، وابتعد عن هذه الجمل التي تنفر الآخرين منك وخصوصاً الصغار الأذكياء:
"أتدري ما الذي ينبغي أن تفعل .....""عندما كنت في مثل عمرك ..."
أعلم أن هذا الأمر صعب علينا كآباء، ولكن هو ليس بمستحيل وهو يستحق العناء لأنه يتوافق مع رغباتنا الفعلية وهي مصلحة الأبناء، ولكنه يحتاج بعض الصبر والجلد، ولهذا يكون جزاءنا أكبر
عندما يأتي إليك طفلك الصغير شاكياً أن صديقة في الروضة أو في المدرسة لا يرغب في اللعب معه مجدداً فلا تقل له:

"ابحث عن صديق جديد"
رغم أن هذا حل مثالي فعلاً وفكرة صائبة منك، وقد يكون هذا ما سيتوصل إليه هو بعد وقت، ولكن عوضاً عن ذلك، استمع إليه وإلى ما يقوله، دون مقاطعة أو تعليق واحرص كل الحرص من ملامته أو عتابه حتى لو تبين لك أنه مخطئ،
ثم اسأله:

"لماذا يا ترى رفض صديقك اللعب معك؟"
وسواء أجاب أو غادرك دون إجابة فلا تلح عليه ولا تخبره بما يجب أن يفعل فقط ربت على رأسه واتركه لبعض الوقت، ولا تنسى أن تقول له قبل ذلك:
 "أعلم ماذا يعني أن لا تكون قادراً على اللعب مع صديقك العزيز، في بعض الأحيان يؤذي الأصدقاء بعضهم البعض أو يقولون لهم أموراً تجرحهم أو تؤذي مشاعرهم، هذه مشكلة بالفعل ولكن أنت قادر على أن تجد لها حلاً".
في وقت وجيز ستجد طفلك يأتي ببعض الحلول أو يتخذ نفس الحل الذي كنت ستقوله أنت له في البداية، أياً كان الحل الذي تصول إليه طفلك، احذر من قول:
 "كنت سأقول لك ذلك" أو "هذا هو الحل الذي فكرت فيه"،
 بهذا أنت لا تساعد طفلك في حل مشكلته فقط بل وتعطيه الفرصة لتعلم درس جديد في الحياة وتمنحه الثقة أيضاً في قدرته على تجاوز ما قد يعترض طريقه من عقبات في المستقبل، المهم في المسألة ألا تستعجل عليه أو تجعله يشعر بأنك متضايق أو غاضب مما حصل.
وهي أيضاًَ فرصة لكم كوالدين لتعلم درس جديد في الحياة في كيفية التعامل مع بذرات المستقبل.
عندما يتعلق الأمر بتعلم دروس الحياة، فالصبر أمر ضروري لنا كآباء.
باختصار عندما يأتي الطفل إلى أحد الوالدين شاكياً من عارض ألم به أو مشكلة حصلت له، فهو يريد منك أن تواسيه وأن تستمع إليه لا أن تعطيه حلاً لمشكلته.
إذا سأل الوالد أو الوالدة أسئلة أو أعطى أي نصائح أو أوامر فإن الحوار سيتحول إلى غضب ودموع ولن يؤدي على أي نتائج مرضية للطرفين.
لا تقل شيئاً:

- تجنب الأسئلة أو نظام الاستجواب؛ (لماذا؟ من؟ متى؟ ماذا)
- استمع إلى كل ما يقوله لك دون مقاطعات، وحاول أن تشخّص إحساس طفلك
- أشعره بأن له الحق في أن يشعر بما يشعر به وأن ذلك ليس عيباً أو نقصاً به
- عبّر له عن ثقتك في أنه قادر على التفكير في المسألة بنفسه
- إذا سألك طفلك: "ما الذي ينبغي أن أفعله؟"، لتكن إجاباتك: "ما هي الخيارات التي تراها متاحة لك هنا؟" "أخبرني بماذا تفكر الآن؟؟"
عندما يعمل الطفل على مشكلته بنفسه، وهذا ما سيحصل إن نحن تركنا لهم المجال ولم نتسرع أو نستعجل في الإمساك بجهاز التحكم، فإنهم حتماً سيشعرون بالامتنان العميق لنا على مساعدتنا الحقيقية لهم. حلولهم قد تكون هي نفسها التي فكرت أنت بها وربما تكون أفضل، فخاليهم لا يزال خصباً وقدرتهم على التحليل أفضل.
أمر واحد مؤكد هنا وهو: أياً كانت النتائج التي ستؤول إليها المسألة فهي مسؤوليتهم هم، وهذا إضافة جديدة في الدروس لتعليمهم تحمل المسؤولية مبكراً.
بالممارسة فإن قدرة الأطفال على حل مشاكلهم ستنمو بالتوازي مع نمو المشاكل التي يتعرضون لها وبهذا سيكونون على قدرة وعلى وعي بالتعامل الأمثل معها وستنمو ثقتهم بأنفسهم أكثر.

متى يمكن لأحد الوالدين المشاركة بنصيحة؟


هناك أوقات سيستمع فيها الأطفال إلى نصائحك، ولكن هذا لن يكون عند مواجهتهم لمشكلة ما أو عارض في حياتهم، أو عندما يشعرون بالضيق أو الاستياء.
- تحدث إلى طفلك عندما تكون الأمور على خير ما يرام.
- شاهد التلفاز معهم لعلّ إن يتبادر شيئاً إلى ذهنك حينها.
- اقرأ الصحيفة أو المجلة معهم وحاورهم فيما تقرأونه .
- شاركهم ألعابهم وحاورهم بشأنها
- اقرأ كتبهم وقصصهم
- اسألهم عن رأيهم فيما يرونه ويسمعونه وخاطب عقولهم الكبيرة

فهنا ستسنح لك العديد من الفرص لإخبارهم ما تعلمته وكيف تعلمته.
هذا لا يعني أن الحديث معهم هو الأهم:
أطفالك يشاهدون ما تفعله طوال الوقت، فنصيحتنا الأساسية لأطفالنا هي:

 "كيف نعيش نحن حياتنا"
تذكر المقولة الشهيرة:
 "ليس ما نقوله هم المهم، بل ما نفعله"
- كن واثقاً من قدرة طفلك على حل مشاكله بنفسه.
- دعهم يعانون بعض الشئ حتى يتوصلوا للحلول عن قناعة فهذا أمر طبيعي.
- تدخل فقط إذا كان الحل الذي استحدثوه يشكل خطراً جسدياً عليهم أو على الآخرين، ولكن لا تتدخل في كل خيار ليس في مكانه، إنما اترك لهم المجال في الاختيار وتحمل النتائج والتعلم منه، حتى لو أحدث هذا بعض الألم العاطفي لك ولهم.

في النهاية سنكون نحن كآباء المستفيد النهائي والأكبر من كل هذه العملية فنحن لسنا أطفالنا وبالطبع لن يكونوا هم نحن.

منقول